كتبت إليز بيكر أن البرلمان الإسرائيلي أقر في أواخر أكتوبر مشروعَين يهدفان إلى ضم أراض في الضفة الغربية: الأول يطالب بضم جميع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية هناك، بينما الثاني يستهدف ضم مستوطنة “معاليه أدوميم” قرب القدس.

 

رغم أن التصويت هذا ما يزال خطوة تمهيدية قبل أن تتحول إلى قانون، ويبدو أن الدعم الفعلي غير كافٍ لتفعيله، لكنها تمثل تطورًا خطيرًا يعكس تصاعد المؤيدين لضم الضفة في إسرائيل. أوضح المقال أن أي اقتراح ضمّ ينتهك القانون الدولي، ويهدد المبادئ الأساسية التي بُني عليها النظام الدولي.

 

ما هو الضم ولماذا يخالف القانون الدولي

 

عرفت بيكر الضمّ على أنه استيلاء دولة على أراضٍ تخص دولة أخرى أو كيانًا غير ذي حكم ذاتي، باستخدام القوة. تختلف هذه الطريقة عن سبل أخرى لاكتساب الأراضي مثل الاتفاق المتبادل أو التطور الطبيعي. قبل الحرب العالمية الأولى كان للضم صور متعددة مقبولة سياسيًا، لكن دماء الملايين دفعت المجتمع الدولي إلى إعادة رسم قواعد التعامل مع السيادة

 

اعتمد ميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية مبدأ عدم جواز استخدام القوة لاقتطاع أراضٍ، وفرض التزام الدول بعدم الاعتراف بأي تغيير قسري في الحدود. المادة 2(4) من الميثاق تمنع التهديد أو استخدام القوة ضد سلامة أراضي أي دولة، ما يجعل الضم مهما كانت الأسباب أمرًا غير قانوني.

 

الضم أيضًا خاضع للقانون الدولي العرفي، ويُصنّف ضمن معايير “جوس كوجينس” — قواعد لا يجوز التنازل عنها. صادرت قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة هذا المبدأ صراحة، من بينها القرار 242 (1967) الذي أكد مبدأ عدم جواز اكتساب أراضٍ بالحرب، والقرار 662 (1990) الذي وصف ضم الكويت إلى العراق بأنه “باطل ولا أثر قانوني له”.

 

حتى التقاليد الإقليمية، مثل “الإعلان النهائي لهلسنكي” عام 1970، ألزمت الدول المشاركة بالامتناع عن أي عمل يهدف إلى استيلاء على أراضٍ دول أخرى.

علاوةً على ذلك، دان الأمين العام للأمم المتحدة في 2022 ضمّ المناطق الأوكرانية من روسيا بوصفه “انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي”، وحشدت 143 دولة أصواتها في الجمعية العامة لتأييد قرار يعتبر الضمّ “غير قانوني وغير مقبول”.


ردود الفعل على ضم محتمل للضفة الغربية

 

مقترحات ضم الضفة ليست فكرة جديدة في إسرائيل؛ انتقد رؤساء وزراء سابقون — بمن فيهم بنيامين نتنياهو — فكرة الضم في حملاتهم الانتخابية. لكن مع تصاعد التوترات الأمنية بعد 7 أكتوبر 2023 والحرب في غزة، عادت هذه المقترحات إلى الواجهة بقوة.

 

الدعوات الدولية الرافضة للضم كانت حازمة: الأمين العام للأمم المتحدة وصف فكرة الضم بأنها “أخطر انتهاك للقانون الدولي”. في 2024، قضت محكمة العدل الدولية أن سياسات إسرائيل في الضفة — من تشريع قوانين إسرائيلية، وبناء الجدار، وتوسيع المستوطنات — تُعد ضمًا فعليًا لكثير من الأراضي المحتلة، ومخالفة لمبدأ “عدم الاستيلاء بالقوة”. رغم أن رأيها استشاري، فإن “الثقل القانوني والأخلاقي” له كبير، وكثير من الدول تعتمده في مواقفها.

 

حتى حلفاء تقليديون لإسرائيل في الغرب عبّر بعضهم عن معارضته لمشاريع الضم الأخيرة، رغم أن مواقفهم لم تؤد إلى إدانات رسمية واضحة.

 

رغم كل هذا، تبدو أفكار الضم تلقى دعمًا متصاعدًا داخل إسرائيل، مدفوعة بخطر أمني، وبنمو حكومة يمينية، وتوقع أن تسمح إدارة ترامب بالضم أو لا تعارضه بشكل فعلي، خصوصًا بعدما اعترفت الولايات المتحدة بضم الجولان في 2019.

 

حجج مؤيدة للضم لا تقف أمام القانون الدولي

 

برزت في إسرائيل أحيانًا آراء قانونية تؤيد الضم، معللة بأن الضفة لا تملك سيادة شرعية، أو بأن لليهود حق تاريخي عليها — أو أن الضم ضروري للدفاع عن النفس. لكن هذه الحجج تواجه معارضة ساحقة في المجتمع الدولي للقانون الدولي العرفي.

 

حتى لو نظرت بعض محاكم أو جهات محلية لهذه الحجج، فإن ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية المرتبطة به تُلزم كل دولة بعدم الاعتراف بأي ضم ينشأ عن استخدام القوة.

 

وقبول الضم لن ينتهك خصوصية فلسطين فحسب؛ بل سيهدد قوة القانون الدولي كمنظومة، ويفتح الباب لضم أراضٍ في أماكن أخرى، ما يعيد العالم إلى منطق القوة والاحتلال.

 

لماذا رفض الضم ضروري للحفاظ على النظام الدولي؟

 

بنى المجتمع الدولي بعد الحروب العالمية نظامًا قضى بأن لا يجوز لأي دولة تغيير حدود دولة أخرى بالقوة. ساهم هذا النظام في الحد من حروب الغزو والضم التي أزهقت أرواح ملايين البشر.

 

عندما تقبل دول ضمًا — أو تمنح شرعية له — فإنها تنقض مبدأ “تكريس السلام” و“احترام السيادة” الذي صاغه النظام بعد الحرب العالمية الثانية، وتعيد تفعيل منطق الحرب كأداة للسياسة.

 

إذا مارست دول ضغوطًا أو تعاونت مع ضم الأراضي بالقوة، فإن ذلك سيزيد من احتمالية تكرار هذا النهج في مناطق أخرى، ما يقوض استقرار العالم بأسره.

 

أي محاولة ضم للضفة الغربية، مهما كانت ذريعة إسرائيل، ستقابل رفضًا قانونيًا من غالبيّة دول العالم — ويُطلب رسميًا عدم الاعتراف بها أو تقديم أي مساعدات أو تعاون.

 

كل مقترحات ضم الضفة الغربية — قانونية أو سياسية أو أمنية — لا تنطبق عليها القواعد التي يقرّها القانون الدولي. الضم ليس خيارًا ضمنيًا أو قابلًا للتفاوض، بل انتهاك صريح لوثائق دولية لا تتيح استثناءات.

 

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/all-west-bank-annexation-proposals-are-illegal-and-put-core-international-principles-at-risk/